والإفصاح يكون عن طريق دائرة الإحصاءات العامة التي تتعاون مع الوزارات والمؤسسات المعنية بكل نشاط، لتنتج رقما دقيقا ضمن المعايير الدولية لطرق استخلاص النتائج من البيانات الخام.
ويتم الافصاح بعدة طرق ابسطها من خلال التقارير والنشرات الدورية التي تنتجها دائرة الاحصاءات العامة وبما يتوافق مع روزنامة النشر المقررة والتي تتم دون إبطاء من قبل الدائرة.
ومثلها في ذلك تنتج مؤسسات مهمة بيانات تفيد في إظهار الصورة الحقيقية للنشاطات والأداء بشكل عام، ومنها وزارة المالية والبنك المركزي الأردني.
الافصاح له مستويات، فالشركات المساهمة العامة تفصح عن بياناتها ربعيا ونصف سنويا وسنويا، وهذا من حق المساهمين مثلما هو متطلب لهيئة الأوراق المالية ولدائرة مراقبة الشركات وللجهات التنظيمية المعنية في النشاط، مثال ذلك البنك المركزي الأردني بالنسبة للبنوك المرخصة والعاملة في المملكة، ودائرة الإحصاءات العامة، المخولة بموجب قانونها، تفصح والوزارات أيضا تفصح. والإفصاح لا يكون في نشر البيانات على الموقع الإلكتروني الرسمي للمؤسسة، بل ايضا الإفصاح من خلال وسائل الإعلام لضمان وصولها إلى المواطن مثلما تصل إلى المؤسسات المعنية محليا وعربيا ودوليا.
أسوق هذه المعلومات لتأكيد أهمية الإعلام كأداة إفصاح عن البيانات الرسمية وبوضوح تام لأنها تعطي صورة حقيقية عن الواقع بدون عملية مكياج. والمطلوب هنا من الإعلام تفسير البيانات وتوضيح اسباب ارتفاعها او انخفاضها.
فمثلا، كان لإرتفاع معدل الفقر في فترات سابقة، خصوصا مع بداية الربيع العربي مبرر واضح وهو توجيه نحو 35% من الموازنة لجهود اغاثة اللاجئين، كون المساعدات التي تم الوعد بها في حينه لم تتحقق ما حدا بالحكومة لتوجيه جزء من النفقات للجهود الأغاثية وبالتالي كانت على حساب حصة المواطن من هذه النفقات العامة. توضيح هذا الأمر يدعم مطالب الأردن لدى الجهات المانحة بضرورة الإيفاء بالمساعدات. لذلك يجب أن لا نخجل من ارتفاع معدل الفقر طالما هو مبرر ولدوافع إنسانية.
البطالة مثال أخر؛ فإرتفاع معدلات البطالة لهذا المستوى (حوالي 22%) له ما يبرره، وهو اعتماد منهجية جديدة لحساب البطالة اخذت بعين الإعتبار اللاجئين المتواجدين في بلدان اللجوء لذلك ارتفع معدل البطالة في الأردن التي تعد من أكثر الدول في العالم من ناحية عدد اللاجئين إلى عدد السكان الأصلي. لذلك يجب أن لا نخجل من ارتفاع معدل البطالة طالما أن اللاجئين يعدون مكونا اساسيا فيه.
أن محاولات الاكتفاء بانتاج البيانات وتوصيلها للجهات المعنية في نهاية العام او كلما تطلب ذلك من قبل المؤسسات الدولية التي تراجع اداء الاقتصاد الأردني، لاسيما صندوق النقد والبنك الدوليين، وعدم نشرها في وسائل الإعلام يعد عيب في حق المواطن الذي يجب أن نكون واضحين وشفافين معه.
الكل يتذكر أزمة ارقام النمو التي مرت بها المملكة في عام 1998، والتي اثرت كثيرا على مصداقية الأرقام الرسمية.
الإفصاح بكل السبل المتاحة بما فيها وسائل الإعلام الرسمية، اي التابعة للدولة، مثل وكالة الأنباء الأردنية والتلفزيون الأردني، يعكس قوة الدولة والشفافية في التعامل مع البيانات المالية سواء أكان ارتفاعها أم انخفاضها مزعجا وغير مستحب.
